أرسل الله يونس -عليه السلام- إلى أهل نينوى بأرض الموصل بالعراق؛ ليهديهم إلى طريق الرشاد، فيؤمنوا بالله -سبحانه-، لكنهم كذبوه وأصروا على كفرهم وعنادهم، فلم ييأس يونس واستمر في دعوته، ومرت الأيام، وقوم يونس لم يؤمنوا بدعوته، ولم يستجيبوا لله ولرسوله، فضاق يونس-عليه السلام- بهم وبأفعالهم، فخرج من بينهم غاضبًا بعد أن أخبرهم أن عقاب الله نازل بهم. ولما خرج يونس -عليه السلام- من نينوى، خاف قومه من عذاب الله فخرجوا إلى الصحراء، وأخذوا أولادهم وأنعامهم وسجدوا لله، واعترفوا بذنبهم، وارتفعت أصواتهم بالدعاء، واشتد بكاؤهم، نادمين على ما صنعوا، طالبين من الله العفو والمغفرة، فرحم الله ذلهم ومسكنتهم، ورفع عنهم العذاب الذي حذّرهم منه يونس -عليه السلام-،
قال تعالى: (فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّآ آمَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخِزْيِ فِي الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ).
ولما خرج يونس من نينوى في اتجاه البحر وجد سفينة توشك على الإقلاع فركبها، وسارت السفينة حتى وصلت وسط البحر، وفجأة هبت العواصف، وارتفعت الأمواج وأوشكت السفينة على الغرق، فألقى الركاب الأحمال التي معهم في الماء، لتخفَّ حمولة السفينة، وتُكتب لهم النجاة، ولكن بقيت السفينة عرضة للخطر لثقل وزنها، فاستقر أمرهم على أن يجروا قرعة، ومن وقعت عليه ألقوه في البحر، فأجروا القرعة فوقعت على يونس-عليه السلام- فاستسلم لقضاء الله تعالى،
قال تعالى: (وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ* إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ* فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنْ الْمُدْحَضِينَ* فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ)،
وألقى يونس بنفسه في الماء، فأرسل الله -سبحانه وتعالى- حوتًا ضخمًا، ابتلع يونس، وراح يطوف به في البحار.
وجد يونس نفسه وحيدًا في بطن الحوت، فأيقن أنه ميت، وأن ما أصابه لم يكن إلا بسبب تركه دعوة قومه وخروجه دون إذن من ربه، وما لم تتداركه رحمة الله، ويتنزل عليه عفوه، فسيكون من الخاسرين، فأخذ يذكر الله ويسبحه ويحمده، ويمجده ويوحده، ويستغفره، ويقر بالذنب بين يديه،
ويقول: (لا إِلَهَ إِلا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ).
وأخذت كلمات يونس طريقها إلى الله -عز وجل- واستجاب الله دعاءه، فأمر الله- عز وجل- الحوت أن يلقي يونس برفق على الشاطئ، فأخرجه، وقد أصابه الضعف والجهد، فأنبت الله عليه شجرة ليستظل بظلها، وليأكل من ثمارها، حتى عادت إليه قوته وعافيته،
قال تعالى: (فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ* لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ* فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاء وَهُوَ سَقِيمٌ* وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ* وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ* فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ)
، فالمؤمن يستقبل قضاء الله بنفس راضية، ويصبر على الدعوة إلى الله، ويوقن أن بعد العسر يسرًا، وأن فرج الله قريب مهما كانت الأزمة شديدة أو الضائقة التي وقع فيها عسيرة.[/center]
مشكور اخوي
على القصة
بارك الله فيك
جزاك الله خير
ربي يسعدك[/center]